30 أكتوبر 2019 /صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ ما مدى وقع سحر العروض المرئية ونغمات الآلات الشرقية القديمة على أفئدة الضيوف القادمين من البلدان الواقعة غرب طريق الحرير؟ شاهد 15 صحفيا عربيا في 27 أكتوبر الجاري لمسرحية موسيقية وطنية صينية بعنوان "رحلة الراهب الصيني شوان تسنغ إلى الغرب" في المسرح الوطني الكبير بمقاطعة قانسو وذلك في إطار الدورة الثانية من ورشة العمل لرابطة "الحزام والطريق" للتعاون الإخباري والإعلامي التي نظمتها صحيفة الشعب اليومية الصينية.
الجبال البعيدة مثل الحبر الأسود، المياه القريبة تتحول إلى ضباب، رمال الصحراء الصفراء تشبه الثلج ... هكذا تعمل تقنية الشاشات وتكنولوجيا الصوت والضوء على تحويل الصور المرئية إلى نوع من التأمل الذاتي لدى الجمهور المشاهد والتي تجعله ينغمس في جو من الجمال الشرقي الساحر للألباب. الحكمة، الخيال، الآلات الموسيقية التي تعزف مع رحلة الراهب الصيني شوان تسنغ غربا مثل الناي، البيبا، المزمار، بوق سونا، العود الصيني، آلة الكونغهو، الدف، القيثارة الشرقية، آلة القانون الصينية وغيرها من أكثر من 70 آلة موسيقية للقوميات الأقلية الصينية والمقامات الفنية الشرقية التي قدمتها فرق من شينجيانغ على هذا المسرح الوطني، كلها لا تظهر محاولة الراهب الصيني للبحث عن التعاليم الصحيحة للديانة البوذية في عصره فقط، وإنما جعلت الجمهور يتمتع ويقدر جمال موسيقى وأنغام الآلات الموسيقية لمختلف القوميات الصينية بأساليب مختلفة أيضا.
بعد الانتهاء من العرض، عبر 15 صحفيا عربيا يمثلون 14 وسيلة إعلامية من مصر وعُمان والإمارات العربية المتحدة وجزر القمر ولبنان وموريتانيا والسودان وتونس وغيرها من 8 دول عربية عن مدى تأثرهم وإعجابهم والصدى الذي تركه العرض في نفوسهم حيث تبادلوا وجهات النظر مع الملحنة جيانغ يينغ، قائدة الأوركسترا الوطنية الصينية ومخرجة عرض "رحلة الراهب الصيني تشوان تسنغ إلى الغرب".
وقالت جيانغ بأن هذا العرض مستمر منذ سنتين وبأنه خلق دراما جديدة من "الدراما الموسيقية الوطنية". ومنذ بداية العروض في سنة 2017 تم تقديم أكثر من 60 عرضا في داخل الوطن وخارجه وهو ما حظي بترحيب الجماهير من مختلف أنحاء العالم.
أعربت سوزان خليفة مراسلة صحيفة "السوداني" عن اهتمامها الشديد ببعض الأنماط الموسيقية على الطريقة العربية خلال أداء العرض على خشبة المسرح. وقالت جيانغ يينغ بأن العديد من الآلات الشعبية الصينية التقليدية دخلت إلى الصين من خلال طريق الحرير القديم وتم تطويرها وإدخال بعض التعديلات عليها، فعلى سبيل المثال كلمة "سونا" مشتقة من اللغة الفارسية، أصل هذه الآلات الموسيقية من دول غرب آسيا ودول آسيا الوسطى، وقد قام الموسيقيون الصينيون بإدخال تحسينات وتعديلات عليها إلى أن أصبحت في نهاية المطاف إلى ما هي عليه اليوم. مضيفة، إن الموسيقى تتجذر في الثقافة، فالموسيقى لها قواسم مشتركة وخصائص فريدة على الثقافات المختلفة، وتشكل في النهاية جزءً من الثقافة الإنسانية وتترك صدى عميقا في التاريخ.
وقالت هند الصريم مراسلة ومقدمة في شركة دبي للإعلام الإماراتية، إن عرض "رحلة الرهبان تشوان تسنغ إلى الغرب" فاجأها بأن رأت ظل الموسيقى العربية والتركية على ركح المسرح الصيني مما أحدث نوعا من التناغم المنعش غير العادي، وهذا يفسر إلى حد ما بأن التبادلات الثقافية على طريق الحرير القديم مثمرة جدا.
كما أشاد محمد الفوراتي رئيس تحرير جريدة الفجر التونسية بجمال وروعة هذه الدراما الموسيقية الوطنية. وقال: " العرض الذي قارب الثلاث ساعات كان راقيا جدا، أكثر ما فاجأني أنه جمع بين تقنية المسرح المبتدعة وتكنولوجيا الإضاءة وأداء الفنانين بشكل متناغم جدا، وتم توظيف الموسيقى لنشر القيم السمحة والأفكار المختلفة، وبأنها تمزج بين الثقافات المختلفة حين تلتقي ببعضها البعض".
ويثمّن مصطفى البلك نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية المصرية تنوع الآلات وتوظيفها في صياغة الحدث لإثارة نفسية المتلقي، كما يرى بأن الموضوع يخدم مبادرة الحزام والطريق، ما يدل على مقدرة القائمين على صناعة العمل المسرحي على توظيفه لخدمة هدف وطني. وقال إن الأسطر الجميلة والموجزة للترجمة الفورية على جانبي الركح يساعد الجمهور الأجنبي على فهم العرض مثلما يفهمه الحضور الصيني. كما ان نزول العاملين في المسرحية لصالة العرض جعل هناك تفاعلا بين الممثل والمشاهد وخلق نوعا من التفاهم والتقارب والحب بينهما. مشيرا الى انه عمل متكامل قوي حقق نجاحا باهرا وينتظر اكتماله ليشمل موضوعه كل دول الحزام والطريق وعند عرضه في جميع أنحاء العالم سيحقق نجاحا منقطع النظير.
في هذا الصدد، قالت جيانغ يينغ إن الموسيقى والمؤثرات السمعية البصرية للعرض المسرحي قد تم تدويلها منذ بداية تصميمها، وقد تم عرضها في الولايات المتحدة الأمريكية في وقت سابق من هذا العام ولاقت استحسانا كبيرا. في المستقبل سوف يستمر عرض "رحلة الراهب تشوان تسنغ إلى الغرب" في الخارج حتى يتمكن شعوب المزيد من البلدان في فهم التاريخ والتراث الثقافي لموسيقى الآلات الوطنية الصينية.