رابطة "الحزام والطريق" للتعاون الاخباري والاعلامي>>الأخبار>>الصين ودول الحزام والطريق

رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث المصري: القمة العربية الصينية الأولى تؤكد عمق وقوة العلاقات الثنائية

2022-12-01 14:22:54    /صحيفة الشعب اليومية أونلاين/

بقلم عماد الأزرق، رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث المصري

تكتسب القمة العربية الصينية الأولى المرتقب عقدها بالمملكة العربية السعودية أهمية كبيرة إذ تعقد في ظروف إقليمية ودولية بالغة الحساسية، وهي تؤكد عمق وقوة العلاقات العربية – الصينية، حيث أنها تأتي تتويجا لما تشهده العلاقات بين الجانبين من تنامي مضطرد وتعاونا كبيرا وتنسيقا لافتا خاصة خلال الـ 20 عاما الأخيرة، وقد كان أبرز المحطات خلالها، اطلاق منتدى التعاون الصيني – العربي عام 2004، وانخراط جميع الدول العربية تقريبا في مبادرة "الحزام والطريق"، ورفع مستوى العلاقات بين الصين والدول العربية إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية والعلاقات الاستراتيجية الشاملة، والذي تم ترجمته في الزيادة الكبيرة في حجم التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والثقافي والتكنولوجي، فالصين حاليا تعد أكبر شريك تجاري للدول العربية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين نحو 330 مليار دولار عام 2021، بعد أن كان نحو 36.7 مليار دولار عام 2004 عندما تم تدشين منتدى التعاون الصيني العربي. وبلغت الاستثمارات الصين في الدول العربية 213.9 مليار دولار عام2021.

القمة العربية الصينية ستكون فرصة سانحة للجانبين لتنسيق التعاون الجماعي، والعمل على بناء استراتيجية متكاملة للتعاون المشترك وبناء مجتمع مصير عربي – صيني مشترك، بما يعني ذلك من توحيد الاستراتيجيات والتوجهات والخطط التنموية المشتركة اقتصاديا واجتماعيا، والبحث في كيفية التعامل مع شواغل الجانبين في مختلف المجالات، ولاسيما في ظل ما يتمتع به الجانبان من ثقة متبادلة من خلال المواقف الكثيرة التي أثبتت قدر الصداقة بينهما منذ تدشين العلاقات المشتركة بين الصين والدول العربية إذ تعتبر الصين الدولة الوحيدة في العالم التي لم تتغير مواقفها من دعم كافة القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، كذلك دعم الاقتصادات العربية من خلال الاستثمارات الضخمة فيها، والتبادل التجاري، واعتمادها بشكل كبير في توفير احتياجاتها من النفط على الجانب العربي، بالإضافة الى التعاون الكبير في مواجهة جائحة "كوفيد – 19".

كل ذلك يرشح أن تكون القمة العربية الصينية المقبلة نقطة تحول كبيرة في العلاقات فيما بينهما، بما يرتقي بمستوى العلاقات المتبادلة، ويعزز التعاون في مختلف المجالات، وفي تقديري فإن أهم صور التعاون التي يجب على الجانبين التركيز عليها، هي تحقيق تنمية حقيقية في المنطقة العربية من خلال توسيع الاستثمارات الصناعية والزراعية، وتوطين التكنولوجيا والتعاون العلمي لتحقيق طفرات تنموية اقتصادية واجتماعية وتكنولوجية حقيقية بما يحقق المنافع المتبادلة والفوز المشترك، ويمكن المنطقة من امتلاك عناصر القوة المختلفة، في اطار الشراكة والتعاون الذي يستهدفه الطرفين، ويحقق الرفاء والرخاء لشعبي الأمتين العربية والصينية.

وفي تقديري فإن العلاقات العربية – الصينية مقبلة على مرحلة مفصلية في تاريخها، ما يؤكد أن علاقات ما بعد القمة تختلف تمام الاختلاف عما كانت عليه قبلها.. خاصة وأنني أتوقع أن تطرح القيادة الصينية عدة أفكار ومبادرات لزيادة تعزيز وتوثيق وتوطيد العلاقات بين الجانبين، ومن المؤكد أن الجانب العربي سيتعاطى بإيجابية كبيرة مع هذه المبادرات، ما يؤشر إلى أننا مقبلون على مرحلة جديدة من العلاقات العربية – الصينية سيتم البناء عليها خلال العقود المقبلة.

الصين رغم كونها دولة كبيرة وذات تاريخ عريق فإنها تتميز بأنها لا تمتلك تاريخا استعماريا، وتنتهج في سياستها الخارجية ما يعرف بـ "الدبلوماسية ذات الخصائص الصينية"، والتي تعتمد على التنمية السلمية والاستفادة المتبادلة والفوز المشترك، وبالتالي فالصين في تقديري لا تنتهج أساليب القوى الاستعمارية الكبرى فهي لا تبحث عن تابعين ضعفاء أو مناطق نفوذ تفرض عليها هيمنتها سعيا لاستغلالها واستنزاف ثرواتها بقدر ما تسعى إلى شركاء أقوياء يكون لديهم القدرة معا على التعاون المثمر والبناء لصالح الطرفين ولصالح المجتمع الدولي، فيما يمكن أن نطلق عليه "شراكة القوة وقوة الشراكة أو صداقة القوة وقوة الصداقة"، ولذا أطلقت القيادة الصينية ما يعرف بـ مجتمع المصير المشترك للبشرية، والذي ينبثق منه، "مجتمع المصير الصيني - العربي المشترك".

إن القمة العربية الصينية يأتي في وقت يشهد فيه النظام الدولي حراكا وجهودا مكثفة في محاولة لبناء نظام دولي جديد متعدد الأقطاب يمكن أن يحقق العدالة والانصاف بين وحدات المجتمع الدولي، فيما تواجه هذه الجهود معارضة شديدة من الولايات المتحدة مدعومة بعدد من حلفائها، خاصة بعد إعلان واشنطن مؤخرا الصين وروسيا "التحدي الجيوسياسي الأكثر أهمية للولايات المتحدة"، ما يجعل للتعاون العربي – الصيني أهمية جيوسياسية هائلة خاصة مع ما يمتلكه الجانبين من إمكانيات وقدرات بشرية واقتصادية وثقافية وحضارية هائلة.

لقد عانت المنطقة العربية كثيرا في ظل النظام الدولي سواء ذلك الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية أو بعد الحرب الباردة أو قبلهما، والأن إذ يتشكل نظام دولي جديد فأتصور أن الدول العربية مطالبة بأن تشارك بإيجابية في إعادة صياغته حتى تكون أحد الفاعلين المؤثرين فيه، وفي تقديري فإن التعاون العربي - الصيني من شأنه أن يمكن الدول العربية من امتلاك عناصر القوة الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية، فضلا عما تمتلكه المنطقة من قوة ثقافية وحضارية هائلة، ما يجعل الجانبان قادران على إيجاد نظام دولي يقوم على التعاون وليس الصراع ويكون أكثر أمنا.