بكين 26 أغسطس 2024 (شينخوا) أطلقت بكين في يوم 16 أغسطس الجاري أول طريق للتوصيل اللوجستي بواسطة الطائرات بدون طيار في قطاع بادالينغ من سور الصين العظيم، ما يُمكّن السياح من استلام مواد الإغاثة من قيظ الصيف والإمدادات الطارئة في غضون دقائق.
وقبل ذلك، أطلقت بلدية شانغهاي بشرقي الصين خطا جويا تجريبيا على ارتفاع منخفض يربط موقعين في البلدية مع مقاطعة جيانغسو المجاورة لها، حيث أقلعت مروحية ركاب تجارية من محطة للركاب في مدينة كونشان وهبطت في قاعدة طيران في شانغهاي بعد رحلة استغرقت 30 دقيقة.
وفي أواخر يوليو الماضي، أكملت مدينة شنتشن بجنوبي الصين تجربة رحلة طيران حاكت سيناريو لتوصيل الأمتعة بشكل عاجل، لاستكشاف كيفية دمج المركبات الجوية بدون طيار في المجال الجوي المزدحم للطيران المدني.
وتوفر هذه الفعاليات لمحة عن جهود الصين الرامية لتحفيز اقتصاد الارتفاعات المنخفضة. وفي مارس من العام الجاري، أُدرج مفهوم اقتصاد الارتفاعات المنخفضة لأول مرة في تقرير عمل الحكومة، بوصفه محركا جديدا للنمو، حيث يشير إلى نمط اقتصادي شامل يغطي قطاعات متعددة، من خلال عمليات تحليق الطائرات المأهولة والطائرات بدون الطيار في المجال الجوي على ارتفاعات منخفضة ضمن نطاق يتراوح بين 1000 و3000 متر.
وتشير تقديرات الهيئة الوطنية للطيران المدني إلى أن حجم اقتصاد الارتفاعات المنخفضة في البلاد تجاوز 500 مليار يوان (70.1 مليار دولار أمريكي) خلال عام 2023، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الحجم إلى تريليوني يوان بحلول عام 2030.
وفي هذا السياق قال شيانغ جين وو، أكاديمي من الأكاديمية الصينية للهندسة، إن سيناريوهات استخدام اقتصاد الارتفاعات المنخفضة واسعة، حيث تمثل مجالات ثلاثة هي الأعمال الإنتاجية والخدمات العامة واستهلاك خدمات الطيران.
وبالفعل أبدى هذا الاقتصاد الجديد إمكانات تنمية ضخمة في عديد من المجالات مثل التوصيل والإغاثة الطارئة والعلاج الطبي والزراعة والعمليات التفقدية، بينما نشأت مفاهيم جديدة مثل منتجات الطائرات الصناعية بدون طيار والطائرات بدون طيار لنقل الركاب، وطائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي (eVTOL)، والسيارات الطائرة والمروحيات بدون طيار متحدة المحور. وأظهرت بيانات واردة من الهيئة الوطنية للطيران المدني أن عدد الطائرات بدون طيار المسجلة حديثا خلال النصف الأول من العام الجاري بلغ 608 آلاف وحدة، بزيادة 48 في المائة قياسا إلى نهاية العام الفائت. ووصلت مدة الطيران للطائرات بدون الطيار إلى 9.816 مليون ساعة، بزيادة 134 ألف ساعة عن نفس الفترة من العام الفائت.
كما بات سيناريو النقل الجوي للركاب على ارتفاعات منخفضة محط اهتمام العديد من الناس. وفي يوم 28 يونيو الماضي، بدأ تشغيل قاعدة لطائرات رجال الأعمال في مطار شوانغليو الدولي بمدينة تشنغدو حاضرة مقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين، حين يمكن للمسافرين الركوب على متن مركبات التحليق على ارتفاعات منخفضة بعد نزولهم من الطائرة في المطار، ومن ثم الوصول إلى مقاصدهم في مركز المدينة أو الأماكن السياحية في المناطق المجاورة.
وقال قوه ليانغ، الرئيس التنفيذي الأول وكبير العلماء لدى شركة أيروفوجيا، وهي إحدى الشركات المزودة لخدمات نقل الركاب في القاعدة، إن طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي بوسعها القيام بنفس عمل المروحيات التقليدية، بل إنها تعمل بالطاقة الكهربائية ووزنها أخف وضجيجها أقل وتكلفتها أدنى، مشيرا إلى أن هدف شركته هو خلق "مركبات الأجرة الجوية" التي تفيد عامة الناس في المستقبل.
ويعتبر توصيل الطرود سيناريو مهم آخر لتنمية اقتصاد الارتفاعات المنخفضة، وهو مفتاح لتحقيق نمو الاقتصاد. وحسب خطة أصدرتها وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات، دعت الصين إلى تحقيق "التشغيل التجاري" للمواصلات الجوية في المناطق الحضرية بحلول عام 2027، فضلا عن تحقيق "التطبيق واسع النطاق" لتوصيل الطرود بالمركبات الطائرة على ارتفاعات منخفضة.
وتعد الصين متطورة نسبيا في تكنولوجيا الطائرات بدون الطيار في هذا المجال، وخاصة أنها طورت عددا من المنتجات الصناعية الناضجة من الطائرات الصغيرة ومتناهية الصغر بدون طيار، ما يوفر دعما قويا لتنمية اقتصاد الارتفاعات المنخفضة.
وشهدت مدينة شنتشن بجنوبي الصين إجراء قرابة 255 ألف رحلة لنقل الطرود على متن طائرات بدون طيار على ارتفاعات منخفضة في النصف الأول من العام الجاري، بزيادة 38 في المائة على أساس سنوي. وحسب تقديرات جمعية شنتشن للطائرات بدون طيار، سيبلغ طلب ثلاث شركات رئيسية في قطاع التوصيل على الطائرات بدون طيار مليون طائرة بحلول عام 2040. ويتوقع أن يبلغ حجم سوق توصيل الطرود بالطائرات بدون طيار قرابة 30 مليار يوان في الصين خلال العام الجاري.