تايبي 28 أغسطس 2024 (شينخوا) رغم أن "بلاك ميث: ووكونغ"، أول لعبة يتم تطويرها في الصين من فئة "تريبل-أيه"، وهو مصطلح يستخدم لوصف الإنتاجات الكبرى عالية الميزانية والمستقلة، قد اجتذبت انتباه اللاعبين في تايوان، فإن ما جذبهم ليس الوعد بمغامرة غير مألوفة، بل الجاذبية الثقافية العميقة للعبة.
قال لاعب لعبة الفيديو المخضرم المقيم في تايبي، الذي يعرف بـ آشيان "ألعب بشخصيات أعرفها منذ الطفولة، إنه أمر رائع".
اشترى آشيان نسخة لـ"بلاك ميث: ووكونغ" فور صدورها في 20 أغسطس. وأشاد بأسلوب اللعبة الصيني المتميز في الموسيقى والهندسة المعمارية واستراتيجية اللعب، رغم اعترافه بالصعوبة البالغة للعبة.
وأفادت صحيفة "يونايتد ديلي نيوز" التي تتخذ من تايبي مقرا لها، أن نجاح "بلاك ميث: ووكونغ" يرجع إلى حد كبير إلى إنتاجها عالي الجودة والتكنولوجيا المبتكرة، بالإضافة إلى تراثها الثقافي الغني واستراتيجيات التسويق الفعالة.
وأشارت الصحيفة إلى أن اللعبة تستند إلى الرواية الصينية الكلاسيكية "رحلة إلى الغرب" وشخصيتها الرئيسية سون ووكونغ، فهي لا تعرض سحر الثقافة التقليدية فحسب، بل تعيد إحيائها أيضا من خلال الأساليب المعاصرة.
وفي منتدى الألعاب الشهير في تايوان "gamer.com.tw"، تصدرت "بلاك ميث: ووكونغ" قسم التوصيات لعدة أيام، حيث تبادل اللاعبون تجاربهم واستراتيجياتهم، تحت منشور بعنوان "السفر إلى شانشي مع ووكونغ -- دليل للمواقع ذات المناظر الخلابة في اللعبة"، داعين اللاعبين إلى "تتبع خطوات ووكونغ" في الحياة الواقعية.
"اللعبة مطورة بشكل جيد حقا. لطالما اعتقدت أن الأساطير الصينية رائعة وآسرة"، حسبما علق أحد مستخدمي الإنترنت وعرف نفسه على أنه من جامعة تشنغتشي في تايوان، على منصة التواصل الاجتماعي "ديكارد" (Dcard). وأعرب أيضا عن أمله في رؤية المزيد من الألعاب المشابهة في المستقبل، وحصل منشوره على مئات الإعجابات.
تعرض اللعبة جمال الثقافة الصينية للعالم، ومن المحتمل أن تشجع الناس على السفر إلى الصين أو شراء البضائع ذات الصلة، حسبما قال لاي يويه تشيان، أحد قادة الرأي البارزين في تايوان.
بالإضافة إلى شعبيتها بين اللاعبين، كان للعبة تأثير اقتصادي إيجابي على تايوان، حيث تعمل الرسوم المتحركة للعبة بشكل أفضل على بطاقات الرسومات المتطورة.
وكنتيجة لذلك، ارتفعت أسعار أسهم شركات بطاقات الرسومات في تايوان يوم الاثنين الماضي، حيث وصلت أسهم الشركات المصنعة من الدرجة الثانية مثل "شركة تي يو إل" (TUL Corporation) و"ليدتياك" (Leadtek) إلى الحد الأقصى اليومي. كما شهدت أسهم الشركات المصنعة من الدرجة الأولى "إم إس آي" (MSI) و"غيغابايت" (Gigabyte) و"أيه إس يو إس" (ASUS) ارتفاعات تتراوح من 4 إلى 9 في المائة.
ورغم أن اللعبة باعت ملايين النسخ على مستوى العالم، إلا أنها لم تتوفر بعد على متجر "بلاي ستيشن" في تايوان، مما أجبر الكثير من اللاعبين المحليين على البحث عن بدائل مثل تغيير المنصات أو تسجيل حسابات في متجر الشركة في هونغ كونغ.
وعزت سلطات الحزب الديمقراطي التقدمي تأخر إطلاق اللعبة إلى "إجراءات غير مكتملة". لكن جاو شاو كانغ، وهو سياسي محلي، انتقد هذه الخطوة واصفا إياها بأنها ليست فقط إزعاجا للاعبين بل أيضا فرصة مالية ضائعة، مدفوعة بـ"الغباء الأيديولوجي".
لطالما تعرضت السياسات الثقافية لسلطات الحزب الديمقراطي التقدمي لانتقادات شديدة بسبب تعمدها اقتلاع التراث الثقافي الصيني التقليدي وجعل الصناعة الثقافية في الجزيرة تواجه خطر فقدان الهوية الثقافية.
وقال فريق التطوير لشركة "جيم ساينس" المطورة لـ"بلاك ميث: ووكونغ"، في مقابلة أجريت معه مؤخرا إن نجاح اللعبة هو "هدية من أسلافنا"، في إشارة إلى خطوط القصة والشخصيات المستعارة من "رحلة إلى الغرب" التي كتبت خلال عهد أسرة مينغ الإمبراطورية (1368-1644).
واستذكر آشيان، المولود في ثمانينيات القرن العشرين، الألعاب المطورة في تايوان التي لعبها في شبابه، والتي تضم عناصر من الثقافة التقليدية الصينية مثل الروايات الكلاسيكية والأساطير. وقال: "لسوء الحظ، في السنوات الأخيرة، لم تكن هناك إبداعات جديدة مماثلة، وهو أمر مؤسف".
ولعبة "بلاك ميث: ووكونغ" ليست أول إنتاج ثقافي في البر الرئيسي يحظى بشعبية في الجزيرة في السنوات الأخيرة، حيث حازت أعمال أخرى على إعجاب الجماهير المحلية، مثل لعبة "جينشين إمباكت" (Genshin Impact)، وهي لعبة مغامرات في العالم المفتوح، وأعمال درامية أخرى تدور أحداثها في العصور القديمة.
إن إقبال لاعبي تايوان على "بلاك ميث: ووكونغ" يبرز قدرة الثقافة الصينية على ربط عقول الناس عبر مضيق تايوان، حسبما قال سو هنغ، رئيس جمعية التبادل عبر المضيق ومقرها تايوان.