بكين 22 أكتوبر 2024 (شينخوا) شهدت الصين والعالم في السنوات الأخيرة تعاونا متزايدا وفرصا مشتركة، مما أدى إلى ظهور عجز كبير في المواهب المتقنة للغة الصينية. ومع تصاعد "حمى اللغة الصينية" في جميع أنحاء العالم، باتت الثقافة الصينية الفريدة تجذب الشباب من الدول العربية، التي تحتضن أيضا حضارات عريقة بدورها. ويسعى كثير من هؤلاء الشباب للقدوم إلى الصين لتعلم اللغة الصينية وفهم تنوع الثقافة الصينية وعمقها، ليصبحوا بعد ذلك عشاقا للثقافة الصينية التقليدية.
وتتضمن الأنشطة اليومية لهؤلاء الشباب زيارات تقليدية مثل "حفل تبجيل المعلمين" الصيني التقليدي في متحف كونفوشيوس في تشيويفو بمقاطعة شاندونغ في شرقي الصين، وطهي طبق دجاج كونغ باو التقليدي الصيني الشهير، وقراءة القصيدة الصينية التقليدية "شويتياو غيتو"، وارتداء الأزياء التقليدية "هانفو" أثناء زيارة بلدة قوبي المائية، وهي منطقة سياحية شهيرة ذات مناظر خلابة في ضواحي بكين، وغيرها من الأنشطة التي يمارسها الطلاب الدوليون من مصر والأردن وتونس ودول عربية أخرى الذين يدرسون في الصين، وفقا لما قال بعضهم خلال مقابلات مع مراسل ((شينخوا)) .
جاءت براءة عمر شحادة، فتاة أردنية، إلى الصين في سبتمبر العام الماضي لبدء حياتها الأكاديمية في الدراسات العليا. تعشق براءة التاريخ الصيني القديم، وتعتبر أسرة تشين الإمبراطورية (221 إلى 207 ق.م) وتشين شي هوانغ وهو أول إمبراطور في الصين من الرموز التاريخية المفضلة لديها، كما تتطلع إلى زيارة محاربي تيراكوتا في ضريح الإمبراطور تشين شي هوانغ في مقاطعة شنشي بشمال غربي الصين.
على الرغم من أنها لم تزر المكان بعد، إلا أنها تأثرت بالحجم الكبير والتاريخ العريق لتماثيل محاربي وخيول تشين شي هوانغ من خلال الصور ومقاطع الفيديو التي شاهدتها على الإنترنت، وأضافت براءة "هذه المعالم التاريخية تحمل معها تاريخا طويلا جدا، ومع ذلك فهي لا تزال حية للغاية".
تواصل الحكومة الصينية تكثيف جهودها لتعزيز التحول الإبداعي والتنمية المبتكرة للثقافة الصينية التقليدية الممتازة، من خلال تعزيز حماية التراث الثقافي وتنشيط الحيوية الثقافية عبر الرقمنة، كما تسعى لتعزيز التبادل الثقافي والتعلم المتبادل بين الحضارات المختلفة.
وحتى نهاية عام 2023، أدرجت اللغة الصينية رسميا في المناهج الدراسية الوطنية لست دول عربية، وأنشأت الصين 21 معهد وفصل كونفوشيوس بالتعاون مع 13 دولة عربية.
يعمل إسماعيل النجاري معيدا بقسم اللغة الصينية بكلية الألسن في جامعة عين شمس في مصر، وجاء إلى بكين لاستكمال دراسة الماجستير والدكتوراه، بهدف العودة إلى بلاده وتدريس اللغة الصينية بشكل أفضل. عند الحديث عن الثقافة الصينية، عبر إسماعيل عن حبه للشاعر "سو شي" الصيني من أسرة سونغ الإمبراطورية (960 إلى 1279م)، وقصائده المفضلة هي "لحن أغنية الماء (متى سيأتي القمر الساطع)"، حيث يحفظ عبارة "القمر غائم ومشرق، كما للناس أفراح وأحزان" ويضعها كتوقيع على وسائل التواصل الاجتماعي.
أصبح تعلم اللغة الصينية ومعرفة الصين اتجاها ثقافيا مزدهرا في الدول العربية والعالم، حيث تزداد اللغة الصينية شعبية حول العالم، وهو ما يعكس بوضوح جاذبية الفرص التي تقدمها الصين. فالصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أصبحت الشريك التجاري الرئيسي لأكثر من 140 دولة ومنطقة حول العالم. وتعزز "الحمى الاقتصادية والتجارية" من فعالية "حمى اللغة الصينية" و"حمى الثقافة الصينية".
آية علي، فتاة مصرية، تدرس اللغة الصينية في الصين منذ سنوات، وتكمل حاليا دراساتها العليا في اللغويات في جامعة بكين للغات. تعشق آية الطعام الصيني وتعلمت إعداد الكثير من الأطباق الصينية عبر منصات التواصل الاجتماعي، مثل "دجاج كونغ باو" و "مكرونة لحم البقر". وامتد تأثيرها لعائلتها في مصر أيضا، حيث أصبحت العائلة تعشق التوابل الصينية والطعام الصيني، وعندما تعود إلى مصر من بكين، تطلب منها والدتها إحضار بعض التوابل الخاصة بطبق "القدر الساخن" الصيني التقليدي.
ومريم ريدان، فتاة تونسية، تدرس اللغة الصينية منذ سبع سنوات، وتذكر انطباعها الأول عن الصين من خلال فيلم وثائقي عن ثقافة الشاي الصينية التقليدية، حيث شاهدته على شاشة التلفزيون عندما كانت لا تزال في المرحلة الإعدادية، مما أثار شغفها بالصين، ودفعها لتعلم اللغة الصينية في الجامعة.
وبعد قدومها إلى الصين، اكتشفت مريم أن الشاي جزء أساسي من حياة الشعب الصيني، وأن هناك الكثير من أنواع الشاي وأدوات شرب الشاي وأساليب شربه المتنوعة، والآن عندما تعود إلى تونس أو تتواصل مع الأصدقاء في الصين، تحمل معها هدية من الشاي للتعبير عن مشاعرها، تقول مريم "الشاي الصيني هدية معبرة وجيدة".