بكين 27 نوفمبر 2024 (شينخوا) بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أوضح الرئيس الصيني شي جين بينغ اليوم (الأربعاء) موقف الصين إزاء قضية فلسطين، فيما أشاد خبراء عرب بموقف الصين العادل وحكمتها وجهودها لإحلال السلام في الشرق الأوسط.
قدم شي تهانيه لاجتماع أممي عقد يوم الثلاثاء احتفالا باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وأكد أن قضية فلسطين هي جوهر قضية الشرق الأوسط وتتعلق بالعدالة والإنصاف الدوليين، مضيفا أن المهمة الملحة تكمن في التنفيذ الشامل والفعال لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة لإنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن وتخفيف حدة الوضع الإقليمي.
ــ صديق مخلص للشعب الفلسطيني
وقال الدكتور محمد الجبوري، أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية، إن مواظبة الصين على إرسال التهاني للفلسطينيين بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني على التوالي هو "دليل واضح على أن الصين تدعم القضية الفلسطينية وتدعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وبرهان على أن الصين صديقة مخلصة لفلسطين وشعبها وداعمة لها".
وتابع أن الوقوف مع الصديق في ظروفه الصعبة دليل واضح على الوفاء والإخلاص للصداقة بينهما، وهذا ما فعلته الصين مع فلسطين حيث أن الصين ومنذ البداية تدعم حقوق الشعب الفلسطيني في العيش بسلام وكرامة واحترام وتعمل من أجل حل القضية الفلسطينية بصورة عادلة.
وأشار مصطفى بشارات، الكاتب والمحلل السياسي من رام الله، إلى علاقات الصين المميزة مع الفصائل والقوى الفلسطينية، قائلا إن هذه العلاقات وهذه الرسائل تعطي أجواء إيجابية للجانب الفلسطيني على الصعيدين الرسمي والشعبي، للبحث عن سبل تطوير العلاقات بين الجانبين بما فيه مصلحتهما أولا، ومصلحة تطوير العلاقات العربية-الصينية ثانيا، ومصلحة المستقبل المشترك للبشرية ثالثا.
وشاطره الرأي المحلل السياسي الفلسطيني هيثم ضراغمة مثمنا العلاقات الصينية-الفلسطينية، وقال إن الصين تتصرف كأنها محامي دفاع عن القضايا الفلسطينية الإنسانية وتقدم يد العون للفلسطينيين على كافة المستويات سواء العلاقات التجارية أو السياسية أو الدبلوماسية، معتقدا أن العلاقة متطورة وقابلة للتطور أكثر فأكثر.
وأكد الأستاذ في قسم الشؤون الدولية بجامعة قطر خير ديابات أن الصين كانت ولا تزال تدعم حقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم وتحقيق استقلالهم السياسي والاقتصادي، مشيرا إلى أنها قدمت دعما سياسيا واقتصاديا لحركة التحرير الفلسطينية، وواصلت دعمها لها من خلال دعمها لعملية السلام العادلة والشاملة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأوضح سامر عنبتاوي المحلل السياسي من نابلس بالضفة الغربية أن الصين لم يحصل في تاريخها أن اتخذت موقفا مناوئا لحقوق الشعب الفلسطيني، مبديا تقديره لجهودها في إتمام المصالحة الداخلية بين الفصائل الفلسطينية.
ــ مساهم بارز في حل قضايا الشرق الأوسط
وأكد شي في تهانيه أن الصين طالما كانت داعما قويا للقضية العادلة للشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه الوطنية المشروعة، ودعمت دائما جميع الفصائل الفلسطينية من أجل تعزيز الوحدة وتنفيذ إعلان بكين بشأن إنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية لتحقيق المصالحة الداخلية.
وقال إن الصين ستواصل العمل مع المجتمع الدولي لإنهاء الحرب ووقف القتل، ودعم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية لأهالي غزة، وإعادة قضية فلسطين إلى المسار الصحيح لحل الدولتين لتحقيق حل شامل وعادل ودائم بأسرع وقت.
وفي هذا الصدد، أشار محمد الجبوري إلى أن الصين بذلت جهودا كبيرة لتعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وساهمت في حل قضايا مهمة ونزعت فتيل أزمات كادت أن تحرق المنطقة، ومثال على ذلك ما بذلته من جهود مخلصة أدت إلى المصالحة بين المملكة العربية السعودية وإيران.
وقال "هذا مؤشر كبير على قبول الصين في منطقتنا (منطقة الشرق الأوسط) من قبل جميع الدول، فالصين ليست لديها نوايا استعمارية أو أهداف سياسية، بل تعمل وفق خدمة مصالح جميع الأطراف أي لا غالب ولا مغلوب الكل رابح مع الصين".
وأشار الجبوري إلى المصالحة بين 14 فصيلا فلسطينيا كمثال آخر على جهود الصين لتعزيز السلام في الشرق الأوسط. وقال إن هذه المصالحة ساهمت في توحيد القوى الفلسطينية وتشكيل جبهة واحدة، ما يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني واستقراره وتحقيق السلام.
وأضاف "أعتقد ان السياسة الحكيمة والمتوازنة التي تتبعها الصين مع الجميع دون تمييز والمبادرات والخطوات التي قامت بها الصين كلها أمور تعزز وتخدم الأمن والسلام والاستقرار في ربوع العام بأسره".
وبدوره، رأى الكاتب الأردني سامر خير أحمد إن مواصلة بكين لدعمها الطويل منذ قيامها للقضية الفلسطينية على أساس حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وتحقيق استقلاله الوطني ينطلق من "موقف ثابت ومبدئي لذلك يحظى موقفها بكل التقدير والاحترام من الجانب الفلسطيني خصوصا ومن كافة الشعوب العربية بشكل عام".
وتابع أن الصين تسعى منذ سنوات للمساهمة في إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وإحلال السلام في المنطقة على أساس قرارات الشرعية الدولية. وأبدت الصين تطلعها وسعيها لدفع عملية السلام والمساهمة في حل هذه الأزمة المستعصية في المنطقة. ولهذا فإن مساعيها لوقف إطلاق النار في الحرب الدائرة حاليا تنسجم مع مجمل الموقف الصيني الساعي للسلام والمساهمة في حل الصراع.
وأكد الخبير والمحلل السياسي السوري الدكتور أسامة دنورة أن المبادرة التي اقترحتها الصين والمتمثلة بـ"حل الدولتين" المعترف به عموما من قبل المجتمع الدولي، تأخذ في الاعتبار حقا جوهر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على المدى الطويل، وتدعو إلى حل الخلافات والنزاعات من خلال الحوار والتشاور، "مما يساهم بالحكمة الصينية في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتوفير حل فعال لتحقيق السلام الطويل الأمد في المنطقة".
ونوه الخبير الفلسطيني بشارات إلى أن أكثر ما يميز الصين أنه ليس لديها أطماع استعمارية خارجية، وهذا جزء لا يتجزأ من ثوابت السياسة الخارجية الصينية، مضيفا أن هذه السياسة أعطت الصين مكانة ايجابية للعب دور في حل النزاعات الاقليمية والدولية، ومن هنا جاء نجاحها في ابرام الاتفاق الايراني-السعودي، ونجاحها في زيادة تبادلاتها التجارية مع الدول العربية، إضافة لتحركها على الصعيد الفلسطيني ونجاحها في ابرام إعلان بكين، وهو الإعلان الذي أصبح سقفًا لأي تحرك فلسطيني كونه تضمن العديد من البنود التي تضمن توحيد الصف الفلسطيني وتقوية تحركه دوليا وصولا إلى تمكين الفلسطينيين من تجسيد حقوقهم المشروعة.
ــ مدافع قوي عن السلام العالمي
وأكد شي أن المخرج الأساسي هو تنفيذ حل الدولتين وتعزيز التسوية السياسية لقضية فلسطين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة تتمتع بالسيادة الكاملة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتحقيق حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، وحقه في الوجود، وحقه في العودة.
وأضاف أن الصين تدعم بقوة فلسطين في أن تصبح عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة، وتدعم عقد مؤتمر سلام دولي أوسع نطاقا وأكثر موثوقية وفعالية.
وفي هذا السياق، أكد دنورة أن الصين دعت مرارا إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، وهو ما يتماشى مع توقعات محبي السلام في جميع أنحاء العالم.
ونوه الخبير العراقي الجبوري إلى أن موقف الصين من قضية وقف إطلاق النار في غزة والجهود التي تبذلها من وساطة لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين هو موقف مبدئي وبناء يدفع لإنجاح خطة السلام ويعزز من فرص إحلال السلام واستقرار منطقة الشرق الأوسط بأسرها.
وذكر الكاتب الأردني سامر خير أحمد إن الموقف الصيني يستند إلى قرارات مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة، وهو بذلك موقف مختلف عن القوى الدولية الكبرى الأخرى التي لا تقيم جهودها الدبلوماسية على أساس العدالة، عازيا الترحيب العربي الدائم بمشاركة الصين في العمل على إحلال السلام في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى أن "الصين تمثل ضمانة لتحقيق العدالة والحفاظ على الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، هذا إلى جانب الصداقة العميقة والطويلة التي تربط الشعب الصيني بالشعوب العربية، وتعبر عنها الدبلوماسية الصينية في منطقة الشرق الأوسط بثبات منذ عقود طويلة".
وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان المصرية ماجد بطرس أيضا أن الصين تلتزم بقواعد القانون الدولي وترتكز دبلوماسيتها على مبادئ وليس على سياسة معزولة عن القانون الدولي ومبادئ وميثاق الأمم المتحدة، وهو أمر "إيجابي" برأيه.
وقال "يمكن النظر إلى الموقف الصيني بإيجابية، حيث تعتمد الصين على الاستراتيجية أكثر من التكتيك وتتبنى خطة طويلة الأمد لبناء الثقة كوسيط سلام، دون اتخاذ إجراءات صادمة أو إصدار بيانات مبالغ فيها".