عمان 13 أبريل 2025 (شينخوا) أشاد رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي الأردني موسى شتيوي بالتجربة الصينية بجوانبها المختلفة، لا سيما في مسائل الحوكمة والتخطيط وإدارة شؤون الدولة وإدارة العلاقات الدولية.
وقال شتيوي، في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا بعد عودته من زيارة للصين ترأس خلالها وفدا عربيا، إن الزيارة كانت ثرية ومفيدة وأتاحت له الإطلاع على جوانب سياسية واقتصادية وثقافية للصين.
وذكر شتيوي أن الصين تعد قوة صاعدة ولديها تجربة غنية في إدارة شؤون الدولة وتحقيق النهضة الاقتصادية والتقدم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي، مؤكدا على أهمية هذه التجربة بالنسبة للباحثين والمفكرين وصناع السياسات لما توفره من دروس وأفكار لمعالجة القضايا السياسية والاقتصادية في بلدانهم، مضيفا أن الوفد العربي الذي ضم عشرين شخصية من 15 دولة عربية من مؤسسات فكرية وإعلامية وأخرى معنية بالشأن العام خرج بفائدة كبيرة من هذه الزيارة.
وأشار إلى أن التجربة الصينية قريبة من واقع الدول العربية، مشددا على أن الصين ليست مجرد دولة صاعدة فقط، بل هي حضارة عريقة ودولة شهدت إنجازات متراكمة مما أسهم في إثارة تساؤلات مهمة لدى الدول العربية بشأن سبل تحقيق أهدافها التنموية وكيفية الاستفادة من هذه التجربة ضمن هذا السياق.
وأكد أن دول العالم النامي، بما فيها الدول العربية، لا تزال تتلمس طريقها لتحقيق التنمية المستدامة والرخاء الاقتصادي والاجتماعي، لافتا إلى أن التجربة الصينية تكتنز العديد من الإيجابيات التي يمكن البناء عليها في مناطق عدة من العالم، سواء في مجال الحوكمة أو التنمية الاقتصادية أو تنمية العلاقات الدولية.
وقال شتيوي إن هناك ثلاث نقاط في التجربة الصينية تستحق الإعجاب، أولها التخطيط الذي يعكس بوضوح الدور المحوري للدولة في إدارة الاقتصاد، مبينا أنه لا يمكن للدول النامية أن تحقق تقدما حقيقيا أو تنجز أهدافها التنموية دون وجود دور فاعل للدولة في عملية التخطيط الاقتصادي.
وأضاف أن النقطة الثانية هي التركيز على التعليم والبحث العلمي، إذ تخصص الصين موارد كبيرة لدعم البحث العلمي وتطوير البنية التحية المعرفية من جامعات ومراكز بحث وتخطيط، وهو ما يشكل ركيزة أساسية من ركائز نجاحها.
وبيّن أن الدول في ظل الثورة الصناعية الرابعة والعولمة باتت بحاجة ماسة إلى التكنولوجيا المتقدمة، التي باتت الوسيلة الرئيسية لتحقيق التنمية الاقتصادية، مشيرا إلى أن التقدم العلمي والابتكار والإبداع لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كان هناك نظام تعليمي قوي ونظام بحثي متين وهو ما يتطلب رؤية وطنية وإرادة سياسية، إلى جانب توفير مصادر تمويل كافية ومستدامة.
وأشار شتيوي إلى النقطة الثالثة المهمة في التجربة الصينية تكمن في الاهتمام بالبعد الثقافي، موضحا أن الصين بوصفها دولة ذات حضارة عريقة تبذل جهودا كبيرا للحفاظ على الإرث الثقافي والحضاري، وتعمل على إبراز ثرائها الحضاري وربطه بالحداثة، دون إغفال القيم والتقاليد الإيجابية.
وذكر أن هدف التنمية هو الإنسان، ولذلك فإن الاستثمار في التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والتوظيف، كلها عناصر أساسية في تقدم أي دولة، معربا عن اعتقاده بأن هذه الركائز كانت ثمرة فكر وتخطيط وإدارة وحوكمة رشيدة.
ولفت إلى أنه على الرغم من أنه لا يمكننا أخذ نموذج جاهز من تجربة معينة وتطبيقه على أي دولة، نظرا لخصوصية كل دولة، بيد أن الحكمة المستفادة من عناصر التجربة الصينية موجودة، ويمكن لكل دولة أن تستخلص منها ما يتناسب مع ظروفها وإمكاناتها الخاصة.
وأكد أن النموذج الصيني يتسم بشمولية في التخطيط ودور أساسي للدولة، بالإضافة إلى تعزيز الحوكمة والشفافية والمساواة بين الناس، مع التركيز على رفاههم ومستوى معيشتهم وكذلك الثراء الثقافي.
وردا على سؤال حول استفادة الأردن من هذا النموذج، قال شتيوي إن الصين لديها القدرة على تقديم نوع من الدعم لدول العالم. وبالنسبة للأردن فإن تقديم الخبرة في البحث والابتكار يعتبر مجالا مهما جدا. كما أن الصين تمتلك خبرات في البنية التحتية يمكن أن يُستفاد منها في الأردن، بالإضافة إلى الاستفادة من التجربة التعليمية والعلمية في الصين. وأشار أيضا إلى امتلاك الشركات الصينية خبرات كبيرة في مجال البنية التحتية، مضيفا أنه بحث خلال لقاءاته مع المسؤولين الصينيين سبل تقديم المساعدة في هذا المجال.
وفيما يتعلق بالنظام العالمي، قال شتيوي إن هناك تصرفات خارج أطر ومعايير الأمم المتحدة في محاولة لفرض الهيمنة الاقتصادية والسياسية، مضيفا أن العالم اليوم يتحدث عن نهاية القطب الواحد، ونحن بحاجة إلى نظام دولي متعدد الأقطاب.
وأكد أن العالم بحاجة إلى تأسيس نظام عالمي أكثر عدالة وإنسانية، وأكثر التزاما بمعايير الحوكمة العالمية والقيم والمبادئ الإنسانية، موضحا أن هذا لا يمكن أن يتم إلا عبر نظام دولي متعدد الأقطاب.
وأشار إلى أن التجربة الصينية تقدم خيارا جديدا لدول العالم الثالث، سواء عبر علاقاتها المباشرة مع الصين أو عبر آليات جديدة مثل البريكس، مضيفا أن وجود بديل يسمح بتنوع العلاقات الدولية ويخدم دول العالم الثالث، هو أمر يعود بالفائدة على هذه الدول من النواحي الاقتصادية والسياسية وغيرها.