أطلقت الصين هذا العام خطة عمل جديدة تهدف إلى تحقيق الاستقرار في الاستثمار الأجنبي. ورغم مرور أكثر من 40 عاما على انطلاق قطار الإصلاح والانفتاح، وازدهار المشغلين المحليين في السوق، تظل الحاجة إلى الاستثمار الأجنبي قائمة وضرورية. ويمكننا فهم هذه الحاجة من خلال ثلاث مجموعات رئيسية من البيانات:
أولاً، حتى الآن، أنشأ المستثمرون الأجانب في الصين أكثر من 1.24 مليون شركة، باستثمارات تقترب من 3 تريليونات دولار أمريكي. وقد أصبحت هذه الشركات ركيزة أساسية في التنمية عالية الجودة للصين، إذ تساهم بحوالي ربع القيمة المضافة الصناعية وسبع عائدات الضرائب الصناعية، فضلاً عن توفير أكثر من 30 مليون فرصة عمل، مما يعزز النمو الاقتصادي بشكل إيجابي ومستدام.
ثانيًا، يمتد الاستثمار الأجنبي في الصين ليشمل 20 صناعة رئيسية و115 فئة متنوعة. وفي قطاع التصنيع وحده، يشمل الاستثمار الأجنبي 31 فئة رئيسية و548 فئة فرعية. وتجدر الإشارة إلى أن الصين هي الدولة الوحيدة التي تضم كافة القطاعات الصناعية المدرجة في التصنيف الصناعي للأمم المتحدة، ما يعكس الدور الحيوي الذي يلعبه الاستثمار الأجنبي في الاقتصاد الصيني.
ثالثًا، تسهم الشركات ذات الاستثمار الأجنبي بنحو ثلث حجم واردات وصادرات الصين، وهو ما يعكس دورها المحوري في التجارة الخارجية. وفي ظل تقليص القائمة السلبية للاستثمار الأجنبي من 190 بندا إلى 29 بندا على المستوى الوطني و27 بندا في مناطق التجارة الحرة التجريبية، وصل قطاع التصنيع إلى "صفر قيود"، مما يعزز من جاذبية الصين للاستثمارات الأجنبية.
يعتبر الاستثمار الأجنبي جسرا قويّا يربط بين التداولات المحلية والدولية، ورافدا هاما لتدفق التكنولوجيا والمنتجات والخدمات عبر الحدود من خلال سلاسل التوريد العالمية. كما يسهم في تعزيز انفتاح المؤسسات ودفع الإصلاحات المؤسسية والآلية في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد، والعلوم، والتكنولوجيا والبيئة.
لقد أثبتت التجربة العملية أن الشركات ذات الاستثمار الأجنبي تمثل شركاء رئيسيين في تحديث الصين، والابتكار، والانفتاح على العالم، ودمج الاقتصاد الصيني في العولمة.
في ظل تصاعد موجة الأحادية والحمائية عالميا، ومواجهة الاستثمار الأجنبي في الصين ضغوطا جيوسياسية كبيرة، يحاول البعض استغلال هذه التحديات للترويج لفكرة أن الصين لا ترحب بالاستثمار الأجنبي، وهو أمر لا أساس له من الصحة. حيث تؤمن الصين بأن "الإنسانية مجتمع مترابط ذو مستقبل مشترك"، وأن "الانفتاح يجلب التقدم، في حين لايجلب الانغلاق غير التخلف". ومن هذا المنطلق، تتقدم الصين بثبات في مسار الإصلاح والانفتاح، مع التزام ثابت بسياسة الاستفادة من رأس المال الأجنبي التي لن تتغير، بل ستتوسع باستمرار لتفتح آفاقا أوسع للاستثمار والتعاون الدولي.