بكين 17 أكتوبر 2025 (شينخوا) أعلنت شركتا "باور تشاينا" و"إنرجي تشاينا"، وهما من أكبر الشركات الصينية الرائدة في مجال إنشاء مشروعات الطاقة، عن توقيع عقود جديدة لمشروعات للطاقة المتجددة في المملكة العربية السعودية بقيمة إجمالية تتجاوز 30 مليار يوان (نحو 4.21 مليار دولار أمريكي)، ما يمثل علامة بارزة جديدة في مسيرة التعاون الصيني-العربي في مجال الطاقة الخضراء.
انطلاق مشروعات جديدة
ووفقا لبيان صادر عن شركة بناء الطاقة الصينية (باور تشاينا)، وقّع تحالف تابع لها يوم السبت الماضي عقدا مع شركائها السعوديين بشأن مشروعين للطاقة الشمسية الكهروضوئية في السعودية، وهما "عفيف 1" و"عفيف 2"، بقيمة إجمالية تبلغ نحو 11.72 مليار يوان. وتبلغ القدرة المركبة الإجمالية للمشروعين 2000 ميجاواط، وتشمل الأعمال الإنشائية إقامة محطات توليد الطاقة الشمسية الكهروضوئية ومحطات رفع الجهد الكهربائي وخطوط النقل وغيرها من المنشآت.
وفي اليوم نفسه، وقع تحالف تابع لشركة هندسة الطاقة الصينية (إنرجي تشاينا) ثلاثة عقود مقاولات مع مشروع سعودي مشترك يضم شركة "أكوا باور" وصندوق الاستثمارات العامة وشركة أرامكو للطاقة، بقيمة إجمالية تبلغ نحو 2.75 مليار دولار أمريكي، وتشمل هذه العقود تنفيذ مشروعي طاقة رياح بقدرة مركبة إجمالية ثلاثة جيجاواط، ومشروع طاقة شمسية كهروضوئية بقدرة مركبة اثنين جيجاواط.
وتعكس هذه المشروعات الجديدة التنامي السريع للتعاون الصيني-العربي في مجالي الطاقة النظيفة والتنمية منخفضة الكربون، ففي السنوات الأخيرة، وسع الجانبان نطاق التعاون في مجال الطاقة من النفط والغاز التقليديين ليشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الهيدروجين وتخزين الطاقة، مما ساهم في دعم مساعي الدول العربية لتحقيق التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
مشروعات تعاون متبادلة المنفعة
وفي فبراير الماضي، وقّعت شركة "بي واي دي" الصينية لتخزين الطاقة عقدا مع الشركة السعودية للكهرباء لبناء أكبر مشروع لتخزين الطاقة على جانب الشبكة في العالم بسعة 12.5 جيجاواط ساعي، وبذلك ارتفع إجمالي حجم التعاون بين الجانبين إلى 15.1 جيجاواط ساعي، بعد دخول مشروع "بيشة" لتخزين الطاقة بالبطاريات بسعة 2.6 جيجاواط ساعي، طور التشغيل في وقت سابق.
وفي الإمارات العربية المتحدة، تمتد المرحلة الرابعة من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية على مساحة 44 كيلومترا مربعا وسط صحراء دبي، لتزويد أكثر من 320 ألف أسرة بالطاقة النظيفة وخفض 1.6 مليون طن من انبعاثات الكربون سنويا.
وفي مصر، تنفذ شركة "باور تشاينا" مشروع طاقة الرياح في خليج السويس بقدرة 1100 ميجاواط، والذي يُتوقع أن يولد أكثر من 4.3 مليار كيلوواط ساعي سنويا لتوفير كهرباء نظيفة لأكثر من مليون أسرة، وتقليل نحو 2.2 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كل عام، مما يساهم في تحقيق هدف مصر لرفع حصة الطاقة المتجددة إلى 42 في المائة بحلول عام 2030، وبالتالي تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأمن الطاقة في البلاد.
توطين الإنتاج وتعزيز الابتكار
لم يقتصر التعاون الصيني-العربي في الطاقة المتجددة على تنفيذ المشروعات فقط، بل توسع ليشمل مجالات توطين التكنولوجيا والابتكار والبحث العلمي.
وفي ديسمبر 2024، بدأت شركة "يويتونغ" الصينية الرائدة عالميا في صناعة الحافلات في تشييد أول مصنع لتجميع الحافلات الكهربائية في منطقة أم الحول الحرة في قطر، بالتعاون مع وشركة مواصلات (كروه) وهيئة المناطق الحرة في البلاد. ويهدف المشروع إلى توطين عمليات البحث والتطوير والإنتاج محليا، وتوفير حافلات كهربائية لقطر والدول المجاورة، بما يسهم في بناء نظام نقل عام أخضر وذكي وتعزيز التنمية المستدامة في قطاعي النقل والطاقة النظيفة.
وفي مارس الماضي، افتتحت شركة "أكوا باور" السعودية أول مركز ابتكار عالمي لها خارج المملكة في منطقة بودونغ الجديدة ببلدية شانغهاي بشرقي الصين، حيث يركز هذا المركز على خمسة مجالات رئيسية هي: الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح وتخزين الطاقة والهيدروجين الأخضر وتحلية مياه البحر، بغية دفع البحث والتطوير نحو حلول ابتكارية وتطبيقها في مجال الطاقة المتجددة.
آفاق واسعة للتعاون في مجال الطاقة
أكدت الصين خلال الاجتماع الوزاري الـ10 لمنتدى التعاون الصيني-العربي حرصها على تعزيز الشراكة مع الدول العربية في بناء "الأطر الخمسة للتعاون"، والتي تشمل إرساء إطار أكثر تكاملا للتعاون في مجال الطاقة، مشددة على تعزيز التعاون في بحوث وتطوير تقنيات الطاقة الجديدة وإنتاج المعدات المعنية، ودعم الشركات الصينية للمشاركة في مشروعات الطاقة المتجددة بالدول العربية.
ويرى محللون أن الدول العربية مثل السعودية والإمارات ومصر وقطر تعمل بنشاط على تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ما يفتح آفاقا واسعة أمام الشركات الصينية التي تمتلك مزايا في التكنولوجيا والتكلفة وسلسلة التوريد الكاملة.