شبكة "الحزام والطريق" للتعاون الإخباري والإعلامي

شبكة "الحزام والطريق" للتعاون الإخباري والإعلامي>>الأخبار>>أخبار الصين

أشجار السرو في معبد تسانغجيه، لاتزال شامخة منذ 5 آلاف عام

2025-10-20 15:17:43   
أشجار السرو في معبد تسانغجيه، لاتزال شامخة منذ 5 آلاف عام
في الصورة أشجار السرو القديمة في معبد تسانغجيه.

20 أكتوبر 2025/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/عند دخول معبد تسانغجيه في محافظة بايشوي من مقاطعة شنشي، تستقبلك شجرة سرو عتيقة شامخة، جذعها الضخم يتطلب خمسة أو ستة أشخاص لاحتضانها ويتقشر لحاؤها المرقّش تاركا آثارا عميقة ومتفاوتة، كما لو كانت نقوشا سرية نُحتت عبر آلاف السنين.

إنها شجرة السرو التي زرعها تسانغجيه بنفسه، بارتفاع يصل إلى 16 متر وقطر يقدّر بـ 2.48 متر، ومحيط يبلغ 9.9 أمتار. وقد ظلت هذه الشجرة صامدة على هضبة اللوس لما يقارب خمسة آلاف عام.

تنتشر العديد من أشجار السرو العتيقة في أرجاء أخرى من المعبد، ولكل منها تاريخها الطويل وسحرها الخاص. وتقول المرشدة السياحية ليانغ ني وهي تشير إليها بفخر: "هناك أكثر من 40 شجرة سرو يتجاوز عمرها ألف عام، بمتوسط عمر يبلغ نحو 3000 عام. بالإضافة إلى شجرة سرو تسانغجيه التي يُقدّر عمرها بـ 5000 عام، هناك 3 أشجار يزيد عمرها عن 4000 عام و14 شجرة يزيد عمرها عن 3000 عام".

ووفقًا لنتائج المسح الوطني الثاني للأشجار القديمة والمشهورة، تضم مقاطعة شنشي اليوم أكثر من 727 ألف شجرة قديمة ومشهورة، منها 716 ألف شجرة موزعة ضمن 271 مجموعة قديمة، وأكثر من 11 ألف شجرة منفردة.

تداعب نسائم الخريف أغصان السرو، كأنها تحكي حكايات موغلة في القدم. وتروي الأسطورة أن تسانغجيه، مؤرخ الإمبراطور الأصفر، كان مسؤولا عن تسجيل الأحداث القبلية الهامة. ولما لم تعد طريقة الحبل المعقود كافية لتوثيقها، تأمّل الطبيعة واخترع أقدم الحروف الصينية. ويُقال إنه زرع هذه الشجرة بنفسه، رمزا لبداية الكتابة. واليوم، يقف الزوّار تحت ظلالها، يلمسون جذعها الخشن ويتأملون نقوشها العريقة، مستشعرين عبق التاريخ الممتد لآلاف السنين.

ولحماية هذا الإرث الطبيعي، وضعت السلطات المحلّية نظام حماية متكامل. ففي عام 2019، صدرت "لوائح حماية مقابر ومعبد تسانغجيه في مدينة وينان"، لتُدرج أشجار السرو ضمن الحماية القانونية. كما عزّزت"لوائح حماية الأشجار القديمة والمشهورة" هذه الجهود.

وعلى هذا الصعيد، اعتمدت السلطات على التكنولوجيا الحديثة لإنشاء نظام حماية ذكي، حيث أُعد ملف خاص لشجرة سرو زرعها تسانغجيه، يتضمن بياناتها الحيوية، وحالتها البيئية، وإجراءات صيانتها، مرتبطةً بنظام مراقبة آني متعدد المستويات على الصعيدين الوطني والمحلي. كما تم تشكيل فريق متخصص من خبراء الأشجار القديمة والآثار الثقافية لمتابعة حالتها بشكل دوري، وفق نموذج حماية "فريق لكل شجرة".

يقول لي مين، نائب مدير مكتب إدارة الآثار الثقافية في معبد تسانغجيه، إن نظام المراقبة الرقمي يتيح متابعة نمو الأشجار لحظة بلحظة. "فإذا لاحظنا اصفرارا في الأوراق أو تشوّها في اللحاء، يتوجه فريق الخبراء فورا لتشخيص الحالة وتنفيذ إجراءات الترميم اللازمة".

ولا تقتصر الحماية على الجانب البيئي فقط، بل تمتد إلى القيمة الثقافية التي تجسدها هذه الأشجار. ففي كل عام، خلال موسم أمطار الحبوب، يُقام احتفال ثقافي كبير في المعبد لإحياء ذكرى تسانغجيه، وهو أيضا اليوم العالمي للغة الصينية. حيث يتجمع الزوّار والشباب لتجربة الطباعة على الخشب تحت ظلال السرو العتيق، ويشاهدون ولادة الحروف الصينية الأولى بأطراف أصابعهم، ويستمتعون بسحر الثقافة القديمة. كما تضم قاعة المعرض الثقافي لوحات توضيحية ونصوصا ومعروضات تُتيح للزائرين استكشاف تاريخ الكتابة الصينية وفهم أعمق صلة بين الطبيعة والحضارة.

لقد انبثقت شجرة السرو العتيقة، التي يزيد عمرها عن خمسة آلاف عام، من أعماق التاريخ لتُجدد حوارها مع المستقبل.وفي ربيع عام 2012، اكتشفت فرق المراقبة شتلة صغيرة نبتت تحت الشجرة الأصلية. يقول رين تشيقانغ، مدير مكتب إدارة الآثار الثقافية في معبد تسانغجيه، حول هذا الاكتشاف: "إنها إثبات على أن السرو الذي زرعه تسانغجيه قادر على التكاثر الطبيعي. ويبلغ عمر الشتلة الآن 13 عامًا وهي بصدد النمو بشكل جيد، كما تُظهر قدرة استثنائية على التكيّف. لذلك ندرس إمكانية التربية الفضائية للحفاظ على الجينات الممتازة لشجرة تسانغجيه".

وفي بداية عام 2020، بدأت السلطات التعاون مع مركز أبحاث هندسة وتكنولوجيا التربية الفضائية في مقاطعة شنشي لمناقشة مشروع الإكثار الفضائي. حيث يقول رين تشيقانغ إن توفر التربية الفضائية يعد وسيلة تكنولوجية جديدة للحفاظ على الموارد الجينية لسرو تسانغجيه وتجديدها، بهدف إنتاج سلالات أكثر قوة ومرونة، وهو أمر بالغ الأهمية لحماية هذا الإرث الفريد.

وفي مايو من العام نفسه، أُطلقت بذور سرو تسانغجيه إلى الفضاء على متن صاروخ لونغ مارش. واليوم، في قاعدة تربية سرو تسانغجيه في محافظة بايشوي، تُزهر الشتلات الفضائية بأوراقها الخضراء النضرة، مفعمة بالحياة والطاقة. وقد نُقلت بعض هذه الشتلات إلى معبد تسانغجيه لتتولى مهمة الحفاظ على "الإرث الجيني" للأشجار الألفية، فتربط بين ذاكرة الماضي وجذور المستقبل.