تجمّع 88 شابا وشابة صينية في 13 ديسمبر الجاري، بساحة ذكرى ضحايا مذبحة نانجينغ، حيث قرأوا "إعلان السلام"، وعبّروا عن إيمانهم الراسخ بأهمية تخليد التاريخ والدفاع عن السلام.
وفي اليوم نفسه، نشرت الأرشيفات المركزية مجموعة من ملفات الاستجوابات السوفيتية التي رُفعت عنها السرية، والتي تعود للوحدة اليابانية 731، والتي نُقلت من روسيا إلى الصين. وكان العدوان الياباني قد ارتكب خلال الحرب العالمية الثانية، جرائم لاتحصى ضد الشعب الصيني، بما في ذلك مذبحة نانجينغ والحرب الجرثومية، وغيرها من الصفحات السوداء في تاريخ البشرية.
وتكشف الملفات السوفيتية التي نقلتها من روسيا، عن تورط أكثر من 200 شخص في جرائم الوحدة 731، من بينهم 12 مجرم حرب حوكموا علنًا قد اعترفوا بانتهاك الاتفاقيات الدولية والتحضير لحرب بيولوجية وتنفيذها. وتأتي هذه الملفات، لتكمل إلى جانب مواقع الوحدة 731 وملفات جرائمها المحفوظة لدى الصين، بعضها بعضًا، وتؤكد بعضها، مما يُرسّخ الحقيقة التاريخية بالأدلّة الدامغة، ويكشف المزيد عن جرائم الجيش الياباني، حيث مثلت الحرب الجرثومية التي شنّتها النزعة العسكرية اليابانية جريمة دولة منظمة ومُدبّرة.
وكان المجتمع الدولي قد أصدر منذ وقت طويل حكمه العادل على الأعمال العدوانية للنزعة العسكرية اليابانية. وأرست الوثائق القانونية الدولية، مثل إعلان القاهرة وإعلان بوتسدام، المبادئ الأساسية للنظام الدولي لما بعد الحرب العالمية. ونصّت بوضوح على معارضة العدوان، ومعاقبة مجرمي الحرب، والقضاء على النزعة العسكرية.
وبعد الانتصار في الحرب العالمية الثانية، حققت كل من المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى والمحكمة العسكرية الصينية لمحاكمة مجرمي الحرب في مذبحة نانجينغ، وأصدرتا أحكاما واستنتاجات قانونية. سيبقى العسكريون اليابانيون مُعلّقين على عمود عار التاريخ، مهما تبدلت الأزمان.
مع ذلك، لم تبادر اليابان قط لإجراء مراجعة صادقة لمسؤوليتها التاريخية، ولم تتوقف محاولات القوى اليمينية لإعادة كتابة التاريخ، على العكس من ذلك، أخذت تظهر بوادر عودة قوية للنزعة العسكرية.
ومنذ توليها منصبها الحالي، كرئيسة وزراء اليابان، دأبت سناء تاكايتشي، على ممارسة الاستفزازات الخطيرة بشأن قضية تايوان، بما يمسّ النظام الدولي لما بعد الحرب. وذلك في الوقت الذي تسعى فيه إلى مراجعة "المبادئ الثلاثة غير النووية"، وتخفيف القيود على تصدير الأسلحة والزيادة المستمرة في ميزانيات الدفاع، بما يكشف عن نزعة خطيرة لإحياء النزعة العسكرية، وتقويض إنجازات النصر في الحرب العالمية الثانية، وتحدي النظام الدولي لما بعد الحرب، الأمر الذي يستدعي يقظة شديدة من المجتمع الدولي.
إن نسيان التاريخ يعدّ خيانة، وإنكار المسؤولية يمثل تكرارا للجريمة. ويصادف هذا العام الذكرى الثمانين للانتصار في الحرب العالمية ضد الفاشية، فيما يبقى التمسك بالعدالة التاريخية ومنع عودة النزعة العسكرية اليابانية هو الإرادة المشتركة لقوى العدالة في المجتمع الدولي. حيث قامت روسيا بنقل أرشيفات تاريخية، وقام شباب فرنسيون بالتبرع بصور تكشف جرائم الجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية، مثل قصف شنغهاي ومذابح المدنيين، وتبرع باحثون يابانيون بنسخ ملونة من سجلات "الوحدة 8604" التابعة للجيش الياباني في حربه الجرثومية بجنوب الصين.
وإنه ليسعدنا أن نرى المزيد من الدول والشعوب تنضم إلى صفوف حماية الذاكرة التاريخية والدفاع عن العدالة الإنسانية. إذ "ليس من العار الاعتراف بما حدث، بل العار الحقيقي هو التعامل مع ما حدث وكأنه لم يحدث "؛ "إن تجاهل حقيقة التاريخ سيصعّب التخلص من شبح النزعة العسكرية"...... وعلى السياسيين اليمينيين اليابانيين الإصغاء جيدا لأصوات هؤلاء أصحاب البصيرة، والتأمل بجدية وعمق في تاريخهم العدواني، واستئصال سموم النزعة العسكرية المستعصية، والانطلاق بصدق في درب التنمية السلمية، وكسب ثقة جيرانهم الآسيويين والمجتمع الدولي من خلال أفعال ملموسة.
وإن إعلان ذكرى ضحايا مذبحة نانجينغ كيوم وطني، واستحضار ذكرى المعاناة الوطنية، ليس لتأجيج الكراهية، بل لاستخلاص العبر وبناء مستقبل أفضل. ولقد انطلقت الصين اليوم في رحلة جديدة لبناء دولة اشتراكية حديثة وشاملة، وأصبحت نهضة الأمة الصينية العظيمة اتجاه لايمكن إيقافه. حيث تلتزم الصين التزاما راسخا بمسار التنمية السلمية، وستظل دائما قوة دافعة للسلام والاستقرار والتقدم في العالم. وستعمل الصين مع الدول والشعوب المحبة للسلام في جميع أنحاء العالم لمقاومة أي محاولة لإحياء النزعة العسكرية والفاشية، وحماية مكتسبات النصر في الحرب العالمية الثانية والنظام الدولي لما بعد الحرب، وتقديم مساهمات أكبر في القضية النبيلة المتمثلة في السلام والتنمية البشرية.