![]() |
سياح صينيون يقفون لالتقاط صور أثناء جولتهم في معبد الكرنك في الأقصر بمصر، في 5 أكتوبر 2025. (شينخوا) |
الأقصر، مصر 19 أكتوبر 2025 (شينخوا) تشهد الأقصر، العاصمة القديمة لمصر، فجرا ذهبيا لموسمها السياحي الشتوي، مدفوعا بتدفق استثنائي ومتنام من الزوار الصينيين.
ولا تقتصر هذه الطفرة على إنعاش الاقتصاد المحلي فحسب، بل تُعيد تشكيل المشهد السياحي للمدينة بالكامل، محوّلة إياها من وجهة موسمية إلى مقصد على مدار العام.
ويظهر هذا التحول في خارطة السياحة جليا في توجه السياح نحو السفر المستقل.
ويجسّد لي بو، وهو سائح في الثلاثينات من عمره من بكين، هذا التحول؛ إذ اختار هو وزوجته تجربة السفر خارج إطار المجموعات المنظمة عن طريق الشركات السياحية.
وقال لي لوكالة أنباء ((شينخوا))، خلال جولة في معبد معابد الكرنك "لم نرغب في القدوم ضمن مجموعة سياحية تنظمها إحدى وكالات السياحة؛ لقد حجزنا الطيران والفنادق وجئنا إلى مصر. هذا منحنا حرية أكبر في التنقل وزيارة المزيد من الأماكن".
ووصف لي الأقصر بأنها "فريدة" و"متحف كبير مليء بالآثار الفرعونية"، مضيفا بتأثر "يمكنك أن تشم رائحة التاريخ في كل مكان في الأقصر".
كما امتد هذا الاتجاه إلى رحلات لمّ الشمل العائلية، فقد التقى وانغ تشانغ هوي، الذي يقيم ويعمل في دبي، بشقيقه وانغ دونغ المقيم في شنغهاي ووالدتهما لقضاء إجازة مشتركة تركز على الاستكشاف التاريخي.
وقال وانغ تشانغ هوي "هذه هي المرة الثامنة لي في مصر، لكنها المرة الأولى لي في الأقصر. لقد أحببت ثقافة وتاريخ الأقصر"، وسرد أبرز المواقع التي زارها بما في ذلك وادي الملوك ومعبد حتشبسوت ومعبد الكرنك.
وأعرب وانغ عن فخره بمعرفة أن "هناك علماء آثار صينيين يساعدون مصر في الحفاظ على الآثار القديمة في معبد مونتو في الأقصر".
أما وانغ دونغ، فقد كان دافعه واضحا، إذ قال إن شغفه الشخصي بالتاريخ هو ما حفّزه لزيارة مصر، "التي تتمتع بتاريخ وحضارة راسخة الجذور".
وأضاف "لقد أحببت الطعام المصري أيضا، خاصة الكشري. لقد قرأت الكثير عن الثقافة المصرية، ورأيت أن الوقت قد حان الآن لزيارة مصر للمرة الأولى".
وتعزز الأرقام الرسمية الثقة في هذا السوق، فوفقا للسفارة الصينية في مصر، زار نحو 300 ألف سائح صيني مصر في عام 2024، وهو ما يمثل زيادة ملحوظة تزيد على 60 بالمائة مقارنة بعام 2023.
وأكد رئيس لجنة التسويق السياحي الثقافي في صعيد مصر محمد عثمان هذه الزيادة، متوقعا استمرار النمو خلال العام الحالي.
وقال عثمان "قد يصل عدد السياح الصينيين إلى نحو 400 ألف هذا العام، مقارنة بـ 300 ألف في عام 2024"، مشيرا إلى أن الزيارات الصينية لم تعد تقتصر على موسم معين بل أصبحت ظاهرة على مدار العام.
ولمواكبة هذا السوق المتنامي، أشار عثمان إلى أن الأقصر تعمل حاليا على تجهيز قوائم طعام ولوحات معلومات باللغة الصينية في المطاعم والفنادق والمواقع الأثرية.
وأضاف أن سكان الأقصر يقدمون نموذجا ممتازا للخدمات السياحية، "مما يشجع السياح من جميع الجنسيات، وليس الصينيين فحسب، على زيارة هذه المدينة الرائعة".
ويُعدّ مقدمو الخدمات المحليون، مثل سائقي سيارات الأجرة، هم الأكثر إحساسا بالفوائد المباشرة لهذا الانتعاش الاقتصادي. فبحسب خالد محمد، وهو سائق سيارة أجرة من الأقصر، فإن الحركة السياحية في بداية الموسم الشتوي نشطة للغاية مع وجود واضح للسياح الصينيين.
وقال محمد لـ ((شينخوا)) إن السياح الصينيين ينتشرون في كل شارع، ولا يقتصرون على المناطق السياحية، بل يزورون الأسواق والمطاعم والمقاهي والمحلات التجارية.
وتابع مبتسما "أقوم بتوصيل الكثير منهم يوميا. وقد بدأت بتعلم بعض العبارات الصينية حتى أتمكن من التواصل معهم".
وكشف عن عادات إنفاقهم المرتفعة قائلا "يدفعون مبالغ جيدة ولا يساومون كثيرا على أجرة التوصيل"، مؤكدا أن الأقصر عانت من بعض الركود في السنوات الماضية، لكن "السياحة الصينية تُنعش السوق السياحي في الأقصر بشكل ملحوظ".
![]() |
سياح صينيون يقفون لالتقاط صور أثناء جولتهم في معبد الكرنك في الأقصر بمصر، في 5 أكتوبر 2025. (شينخوا) |